Retour

وصول باخرة دينا وتفريغ السلاح                                                     

ورد في كتاب من أجلك يا بلادي لمؤلفه محمد الدرفوفي أنه لم يتحقق من مصدر السلاح الهام الذي وصل الى الشواطىء المتوسطية واقتسمه المغاربة والجزائريين وبواسطته تم تنفيذ عمليات واسعة ومكثفة ، فقد قيل انه من دفعة مكتب المغرب العربي بالقاهرة ، وقيل إنه هدية من جمال عبد الناصر ، كما قيل إنه من مصدر لثوار المغرب العربي . والاختلاف حول مصدر هذا السلاح لاحظته في تصريحات المقاومين أنفسهم منهم من يؤكد انه من عبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي وآخرين يقولون انه من مصر ومن ملك الأردن. لكن مهما اختلفت الآراء حول مصدره فقد وصل وتم إفراغه بمشاركة مغربية جزائرية-3-. وذلك في يوم 5 مارس 1955 حيث تم انزال اول شحنة من السلاح من باخرة دينا في كبدانة بالمكان المسمى "قابوياوا" من طرف 15 مفوضا مكلفين بأشعال نار الحرب بالمغرب العربي من بينهم ندير أبو زار والهواري بومدين الذين كلفوا من الكولونيل علي صبري من رئاسة الجمهورية المصرية ومكتب المغرب العربي ، بتنظيم عمليات الحرب في الجزائر والمغرب.

ورغم ان مصدر السلاح قد اختلف حوله فاغلب المعايشين للحدث يؤكدون وجود تعاون بين مقاومي المغرب العربي برز منذ تاسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة سنة 1947 وكانت الأسلحة ترسل باسم ثوار المغرب العربي. وانطلقت أول رصاصة باسم جيش تحرير المغرب العربي.

وبواسطة هذه الأسلحة كانت انطلاقة جيش التحرير المغربي وكان نصيب بني يزناسن من نشاطه عدة عمليات نفذت ضد مراكز الاحتلال والمتعاونين.

9- تأسيس جيش التحرير وتنظيم العمليات المسلحة

في ظرف لا يتعدى 25 شهرا من تطبيق أسلوب حرب العصابات تأسس جيش التحرير لينزل بثقله الى ساحة المواجهة واشرفت على كل عمليات التحرير القيادة الثانية للمقاومة التي بدأ نشاطها في شهر يونيو من سنة 1955 وكان المسؤولون فيها على الشكل التالي :

*المسؤول الأول : محمد بن عبد الله المسعيدي عباس

*المسؤول على قيادة جيش التحرير : مناضل عبد الرحمان الصنهاجي

*المسؤول على الضفة وبني يزناسن : ميمون الرحماني غورضو

*المسؤول على العلاقات الخارجية والصحية : الدكتور الخطيب.

أما المسؤولون عن الفرق التي كانت منطقة بني يزناسن مسرحا لعملياتها فنجد :

*جلولي محمد الهواري : بني وكلان

*الدرقاوي محمد بن علي : فرقة في بني يزناسن.

وهؤلاء الرجال هم الذين ساروا بجيش التحرير حتى آخر المطاف ، ولم يتركوا السلاح جانبا حتى جاءت الأوامر الملكية بتوقيف العمليات العسكرية وتسليم السلاح. وهم الذين خططوا وعينوا الأهداف وأصدروا الأوامر . في حين كان على أفراد جيش التحرير ورؤساء الفرق التنفيذ والانصياع للأوامر الصادرة من الشمال . ومن جملة العمليات التي وقعت ضد الأهداف الفرنسية و المتعاونين معها نجد :

1- الهجوم على تافوغالت :

لقد أعطيت الأوامر لأعضاء جيش التحرير بالقيام بهجومات في كافة أنحاء المغرب في نفس اللحظة والساعة. وحدد الزمن في الساعة الواحدة من صباح فاتح أكتوبر 1955 وتم التركيز على مثلث الموت-تيزي وسلي- بورد- أكنول. وفي المنطقة اليزناسنية حدد الهدف في مركز تافوغالت ، إذ تكلفت فرقة تم تسجيلها بالشمال في مركز بيجو واسندت قيادتها لقسامي العياشي . بالقيام بهجوم على ثكنة الجيش الفرنسي. وبدأ الفريق سيره ليلا في يوم الجمعة فاتح اكتوبر. وحتى يصلوا للهدف اجتازوا الطريق عبر اتزاياست التي صادفوا فيها كتيبة عسكرية فرنسية فتبادل الطرفان إطلاق النار رغم ان القيادة كانت قد اعطت الأوامر بعدم اللجوء الى السلاح حتى تافوغالت والتزام الحيطة والحذر.وكان لبسالة المغاربة واستماتتهم ان انسحب الفرنسيون تجاه نهر ملوية وانقسم الفريق المغرب الى فوجين. الأول عاد الى مركز بيجو والثاني التحق بالجبال حيث بقي مرابطا هناك . وفي يوم 2 أكتوبر التحق عباس المسعيدي وجلولي الهواري وميمون غورضو بمركز بيجو ، وقاموا بتعبئة الجنود لتبدأ في 3 أكتوبر مهمة جديدة نحو تافوغالت التي وصلوها بعد مسيرة يومين خاصة وقد عمدوا الى المرور عبر الجبال والغابات مداراة من العدو

 وفي يوم الاثنين 4 اكتوبر كان الجنود على مشارف الولي الصالح سيدي علي وسيدي سعيد حوالي الواحدة مساء. وأول ما قام به هؤلاء قطع الأسلاك الهاتفية في الطريق الرابطة بين العيون وابركان من طرف محمد بن صالح واحمد هرام وحلواوي بنعلال والتادلاوي. ثم بدأت عملية إطلاق النار في اتجاه الثكنة واستعمل خلالها المغاربة القنابل والرشاشات. ليسفر الهجوم على استشهاد محمد بن صالح وفرجي ، وكاد الجميع ان يستشهد لولا ان وجدوا مخابيء لجأوا إليها وتراجعوا حتى وصلوا الى منازل اولاد لهبيل التي كانت قد وصلتها ايضا فرقة عسكرية فرنسية واقترح عليهم بلمامون اليقاء ، غير أن مرافقيه رفضوا وواصلوا السير ، فلم يبق معه سوى اثنين حوصروا في الغد من قبل القوات الفرنسية حيث جرح بلمامون وعمد التادلاوي والشني الى تفجير قنبلة كانت بحوزتهما واستشهدا في الحين. وفي وقت كان الآخرون قد وصلوا الى تامجوط والتقوا بالفريق الذي التحق يوم 1 أكتوبر بالجبل وواصلوا الطريق الى قرى بني وكلان حتى تتامريست.

وقد أصيب احمد هرام الذي كان يحمل صندوق القنابل بجروح في يده لذلك فقد التحق بالشمال قصد التطبيب اما الجندي امبارك والذي سقط من اعلى كدية وكسر في ضلوعه فقد أخذ من قبل أهالي الناحية وبقي عند الحاج الصديق.

لقد فشل الهجوم على تافوغالت في المرحلة الأولى بتزاياست بسبب تغير خطة العمل في وقت نجحت الهجومات في نواحي بورد وأكنول وتيزي وسلي. وفشل في المرحلة الثانية لعدم توازن القوة العسكرية بين الطرفين.

 2- الهجوم على مزرعة فوترو :  

كان موقع هذه المزرعة في الطريق المؤدية الى السعيدية عبر ابركان وشارك فيها أحد الجزائريين وهو علي بن علي الذي ساعد المهاجمين كثيرا بسبب معرفته باستعمال السلاح لسابق تجربته مع الفرنسيين وتبودل اطلاق النار مما أدى الى سقوط ستة فرنسيين حسب إذاعة طنجة ، وسارع المغاربة بالفرار لتتحرك في الصباح الدبابات قاصدة مكان اختفاء المهاجمين بعد أن كان أحد الخونة قد دل القوات الفرنسية على مكانهم. لكن كان من الألطاف أن القائد العسكري قد أثنى على اقتحام المخبىء ونجا الفدائيون ليقرروا اغتيال المخبر عنهم ، ونفذ الأمر في أحد المطاعم بابركان.

3- الهجوم على المعمر بيسنتي ومزرعة اركيز :

كانت المزرعتان تتواجدان قريبا من بركان على ضفاف وادي شراعة وتكلف بمهمة الإحراق فريق من تازغين وتم في مزرعة بيسنتي إحراق سيارة في ملكه من نوع Chevrolet وإشعال النار في كميات كبيرة من البنزين ، كما سرقت بذلته والتي كانت تحتوي على قدر كبير من المال لم يعلم به المهاجمون حتى تم إحراق البذلة. وبعد اتمام الهجوم على مزرعة أركيز وقع اشتباك مع الجنود الفرنسيين دام حوالي ساعة وقتل خلاله أحد الفرنسيين. كما تطايرت شظايا القنابل وأدت الى جرح بعض المغاربة.

4- عملية ضد القائد محمد

بعد انتهاء عمليات الاعتقالات والسلب والنهب إثر ثورة 17 غشت صدرت الأوامر بعزل القائد المنصوري وعين محله قائدان وهما : الضابط منصور الوريمشي على بني وريمش الشمالية ، والقائد محمد التميمي على ابركان وبني عتيق وبني منكوش . وعرف القائد التميمي في أول عهده بولائه للفرنسيين على عكس القائد منصور الذي كان وطنيا وأسدى عدة خدمات للمعتقلين. غير أن التهديدات المتواصلة من الفدائيين للقائد محمد كانت أن غيرت مجرى تعامله مع الوطنيين ومن هذه التهديدات إيداع مناشير تهديد في منزله. وهدد في الكربوس من طرف شخصين على متن دراجة نارية . كما داهم منزله شخصين وأنبوه لتعاونه مع الفرنسيين عوض تجنيد نفسه لخدمة الوطن. ولم يتخذوا ضده سوى أخذ بعض الأسلحة كانت فرنسا قد منحتها له . ومع هذه التهديدات المتواصلة كان أن تحول القائد محمد عن الوقوف في وجه المقاومين وبدا ذلك واضحا في قضية السوق الأسبوعي بأبركان.

5- تطويق السوق الأسبوعي من طرف الفرنسيين :

قامت قوات الاحتلال بأمر من رئيس الدائرة بتطويق السوق الأسبوعي بعد أن علمت بتسرب عدد من المقاومين إلى الداخل وكانت هذه القوات مكونة من المدرعات والمدافع والرشاشات في وقت كان قائدهم يحوم حول السوق على متن طائرة حربية. وهيأ اليهودي شقرون مدفعا على سطح بيته ، ولم يسمح بالخروج لأحد المغاربة سوى الفرنسيين واليهود.

ولم يكن القائد محمد الذي كان في مكتبه يعلم بما يجري في السوق حتى أسرع إليه الحسن شاطر وأخبره بالجو المكهرب داخل السوق. وبعد تخلصه من أحد حراسه توجه إلى المراقب المدني وضباط الجيش للاستفسار عن الأمر. ووصلت النقاشات إلى حد التهديدات المتبادلة بين الجانبين. خصوصا حين هدد القائد محمد بمواجهتهم ، مما أدى إلى زعزعة ثقة الفرنسيين بأنفسهم وفشلت خطتهم ليتراجعوا عن أماكنهم حتى انفرج الموقف ونجا آلاف المواطنين من مذبحة رهيبة.

فكان بذلك للقائد محمد دور في إنقاذ الموقف ولولا لهجته الحازمة لكان قد حدث ما لا تحمد عقباه ولاقترف الفرنسيون مجزرة كان سيذهب ضحيتها مئات الأشخاص الذين كان يعج بهم السوق من كل النواحي.

6- عملية البارطكسيون :

تعد عملية البارطكسيون من أكبر عمليات رجال جيش التحرير في منطقة بني يزناسن نظرا لحجم الغنائم التي تحصلوا عليها ، وكانت عملية مشتركة بين عدد من فصائل جيش التحرير. فقد شارك فيها رجال بركان ، ورطاس ، تازغين ، وادي زكزل وبني منكزش. ولم يعمد الجنود لمهاجمة الموقع حتى تم الاستخبار عنه بواسطة بعض المخازنية العاملين هناك. ونفذ الهجوم ليلا. ولم تواجه الرجال من مشكلة سوى وجود الباب الرئيسي مغلقا ، فقام أحد الأشخاص وهو عبد القادر بن الطيب بكسره وتدفق الجنود الى الداخل.

وبالنسبة للضابط الفرنسي صورد ، فقد قيد وترك جانبا ، غير أنه رغم عدم وجود أوامر من القيادة بقتله فقد اغتاله أحد الأشخاص من فرقة بني منقوش رغم معارضة باقي الأفراد. وبدأت عملية الاستحواذ على السلاح وتسابق الجنود لأخذ أكبر الكميات ، ومن جملة ما تم نقله رباعيات ، رشاشات ، خراطيش ، أحذية وألبسة ، مدفع رشاش ومطبعة.

ورافق خمسة جنود كانوا بالمركز رجال جيش التحرير والتحقوا بالجبل وتمت عملية قسمة السلاح حيث أخذ كل فريق نصيبا ، قسم لبني منقوش والقسم الآخر شحن في شاحنة كان سائقها هو عبد الله بن عبد النبي لشلاش واتخذت طريقها الى مركز جيش التحرير بزكزل مع أخذ فريق تازغين لكمية قليلة معهم وأوصلوها في الغد لنفس المكان ، وفي ليلة الهجوم ذاتها بدأت مطاردة القوات الفرنسية للمهاجمين ، غير أنها رغم استعمالها للدبابات لم تستطع إيقافهم.

وبذلك تمكن المجاهدون من ايصال هذه الأسلحة الى مركز جيش التحرير بزكزل ليدعموا به عملياتهم العسكرية ، وعدت العملية من أكبر ما قام به جيش التحرير بالمنطقة. ونفذت بنجاح وحصل من خلالها على ذخيرة حربية مهمة.

 7- عملية ضد لكحل الصفراوي :

 منذ اللجوء الى استخدام السلاح ، وضع المقاومون نصب أعينهم برنامجا كان يهدف الى القضاء على عيون الاستعمار قبل توجيه الضربات للفرنسيين ومراكزهم العسكرية ومزارعهم... واختلفت طرق تنفيذ الاغتيالات من المهاجمة في البيوت حيث كان المهاجمون يعمدون الى شق السقوف وافراغ البنزين ثم اشعال النار ، أو بواسطة الرشاشات الى التربص بهم في الطرقات وأماكن مرورهم ومباغتتهم أو الهجوم عليهم في عمليات خاطفة الى غير ذلك حتى تمت تصفية مجموعة من الخونة.

ومن أشهر العملاء في بركان لكحل الصفراوي إلا أن عملية اغتياله قد تأخرت حتى كان جيش التحرير قد تأسس وبدأ القيام بالهجومات ذلك أنه كان قد تعاهد مع الوطنيين على العمل بجانبهم ومنحت له الثقة لكنه كان دوما يضمر الخيانة في صدره ، وقبل اعلانه التوبة كان دائم الاتصال بالفرنسيين وتجاوزت العلاقات بينهم الطابع العملي الى تبادل الزيارات والدعوات ، ومن ذلك اقامة الصفراوي لمأدبة غذاء دعا اليها مجموعة من كبار مسؤولي الإدارة الفرنسية وزين قاعة الاستقبال بوسائد وقدم الخبز منمقا بعبارة Vive la france وحتى حين تعاهد مع الوطنيين على الإخلاص للوطن ظل يتعاون مع الفرنسيين في الخفاء وبرز تعاونه معهم لما طلب منه أعضاء جيش التحرير تدبير مجموعة ملابس وأحذية لفائدة الجيش ، فسارع لإخبار الفرنسيين ومن مكرهم أنهم عمدوا الى وضع شارات على تلك الملابس حتى تميز عن غيرها ويسهل التعرف على أعضاء جيش . ومن حسن الحظ أن أحد المغاربة العاملين لدى الفرنسيين قد علم بالخدعة وسارع بدوره لتنبيه المغاربة وتم التأكد من صحة الإشاعة لتصدر الأوامر بقتله ونفذ الأمر في يوم السبت حوالي الرابعة مساء وهو يتأهب للخروج من إحدى الدكاكين وسارع الفدائي بالفرار بين حقول الزرع . واكتفيت بذكر اسم هذا العميل فقط لتداول اسمه كثيرا بين معصري الفترة وبقيت أسماء كثيرة عرفت بعضهم واشترط من حاورتهم عدم الإشارة إليها في حين رفض الآخرون البوح بالأسماء.

وتعددت الهجومات على مراكز الفرنسيين والمتعاونين وكثرت الحرائق والاغتيالات والاتلافات ، ومن ذلك باختصار ، الهجوم على صانداج الماء بواولوت واختطاف أربعة جنود وأخذهم الى الجبال القريبة فتم تجريدهم من السلاح واطلاق سراحهم على أساس ألا يقوموا بالإبلاغ عن المختطفين لأن من بينهم عاملين بالمحطة معهم وأيضا الهجوم على مركز لارمود ببركان والاستيلاء على 8 صناديق من الرصاص و3 صناديق من القنابل ، والهجوم على سيارة للجيش الفرنسي والاستيلاء على أمتعة حربية كانت بداخلها تشتمل على 3 قنابل ورشاشتين وكذا مداهمة بوشتة المخزني الذي أخذت منه 4 بنادق ثم الهجوم على مركز تازغين وغنم منه المهاجمون 16 بندقية من نوع أرباعية وكمية من الرصاص واشتباك مع الجيش الفرنسي في وادي تازغين وجرح خلاله مجاهدين.

ونفذ المقاومون هجوما على مركز بمداغ وتمكنوا خلاله من قتل 7 فرنسيين كما أحرقت مزرعة الغازي وقتل فيها بعض الأشخاص . وبملوية وقع اشتباك  بين المجاهدين و الجيش الفرنسي أسفر عن استشهاد مجاهدين كما وقع اشتباك مع الجيش الفرنسي بقرية الصفصاف الحدودية وأسفر عن جرح 3 فرنسيين وفي 25 اكتوبر 1955 قام 150 مجاهد بالهجوم على معسكر فرنسي قريبا من بركان وأضرموا فيه النار وقتل 28 جندي من قوات العدو واستشهد مجاهد في حين جرح  15 منهم ، وفي 12 أكتوبر اشتبك 3 من مجاهدي جيش التحرير مع دورية فرنسية قريبا من تافوغالت وتمكن المجاهدون من قتل عدد من جنود العدو واستمروا في صمودهم الى ان نفذت ذخيرتهم وقد جرح مجاهد ، أما الآخرين فقد أطلقا النار على نفسهما حتى لا يقعا في قبضة العدو.

وصدرت الأوامر لأعضاء جيش التحرير المرابطين في جبال زكزل قريبا من قرية تاقريوحت بمهاجمة أحد القواد المتعاونين الذي كام مقره بقرية تغاسروت ، وكان خطئنا من رئيس الفرقة ميمون  عودة الذي بادر بإطلاق النار على أحد الجنود قبل أن يتأكد من استعداد مرافقيه الذين تكلف أحدهم بقطع أسلاك الهاتف مما أدى إلى هرع الحراس فقامت معركة حامية أدت إلى فرار المغاربة في اتجاه قبيلة جواهرة وقد ملأت أجسامهم بأشواك الصبار المنتشرة في الناحية وتخلف أحد الرجال لعدم معرفته بالمنطقة مما حذا بأصحابه الى مباشرة االبحث عنه. ويحتمل ان يكون القائد الذي تعرض لهذا الهجوم هو القائد لهبيل حسب رواية احد المقاومين واعتمادا على ما ذكره الورطاسي من ان قرية تغاسروت كانت بها مواطن اولاد لهبيل. ولقد تعددت الحرائق والاتلافات حيث لم تسلم مزارع ومخازن المعمرين والمتعاونين معهم مما ادى الى اتلاف كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية ونوادر التبن خاصة في فصل الصيف ، وقد اهتدى المقاومون الى حيلة لا تخلو من غرابة لتنفيذ الحرائق وهم بعيدين عن مكان وقوعها.

8- طرفة من انجاز الحرائق

من الأساليب التي اهتدى لها المقاومون لإشعال الحرائق والتي تحول دون وقوع منفذيها في يد القوات الفرنسية ، إذ كان المقاومون يقومون بإفراغ الغاز على بعض الحيوانات كالفئران أو القطط أو الأرانب ثم تعقد بواسطة حبل طويل تشعل فيه النار ، ويطلق الحيوان نحو الهدف وما ان يصله لهيب النار حتى يبدأ في القفز من الألم وبذلك تشتعل النار في كل الأماكن التي يمر بها ، وكان يلجأ لهذه الطريقة خاصة في مواسم الحصاد حيث تكثر الغلال ، وأدهشت الطريقة الفرنسيين الذين أحرقت مخازنهم وحقولهم رغم الحراسة المشددة.

لقد نفذت عشرات الهجمات لكي لم تمر دون أن يسقط فيها عدد من الشهداء الذين صنعوا الثورة بأيديهم وكانت دماؤهم الزكية هدية في سبيل استقلال الوطن وتفتخر بني يزناسن بعشرات من أبنائها الذين سقطوا في ساحة الشرف دفاعا عن كرامة البلاد.

9- شهداء في المعركة :

من الأسماء التي استشهدت في المعارك او في زنزانات التعذيب ومازال أصحابهم يذكرونهم ويعددون مناقبهم وتضحياتهم الجليلة.

*رمضان احسلين : استشهد بوجدة في محاولة اغتيال ظابط فرنسي لكن الأخير كان أسرع منه وقتله.

*التهامي الجلالي : استشهد في الهجوم على مركز الجيش الفرنسي بتافوغالت سنة 1954.

*بوصحابة عبد القادر : كان ضمن احدى الوحدات بقيادة بنعبد الله الوكوتي .

*لحسيني مولاي ابراهيم استشهد وهو يقاتل في معركة بضواحي أحفير.

*لمنور بن رمضان ، رابح بن شهبون ، بوعلام ، جلول محمد بن رمضان ، علي بن معطلة ، حسن بن قدور ، مصطفى بن محمد ، حماد بن عبد السلام الوكيلي واستشهدت هذه الجماعة في ممعركة بالزرايب.

*بومدين المنقوشي السيكليست استشهد في مستشفى بركان

*محمد بن عبد القادر والهاشمي استشهدا بسجن العاذر.

*فرجي استشهد في معركة تافوغالت يوم 4 أكتوبر 1955

*الشني والتادلاوي : قاما بتفجير قنبلة بينها حين حاصرتها القوات الفرنسية بعد الهجوم على الثكنة العسكرية بتافوغالت.

*ميمون بن محمد : كان ضمن فرقة يترأسها محمد الصغير استشهد يوم 28/2/1955.

*بنعودة محمد بن العربي كان ضمن فرقة الرحماني غورضو استشهد يوم 2 فبراير 1956.

*بكراوي ابراهيم كان ضمن فرقة حماد البرباش والناجم الحروج استشهد يوم 6 اكتوبر 1955.

*حماد ولد الشيخ المهياوي عمل ضمن فرقة اكراد بوطيب واستشهد تحت التعذيب في اواخر 1954.

ووفاء لروح كل هؤلاء الشهداء وغيرهم ممن لم أستطع التعرف على أسمائهم أو لم أورد ذكرهم لأن المقام هنا لا يسمح بتعداد كل الشهداء كان من الواجب ان اقدم ولو نبذة مختصرة عن أحد الشهداء وهو محمد بنصالح البوعزاوي*

من مواليد تاكمة احدى قرى بني وريمش الشمالية ، بدأ حياته الوطنية مع بداية الخمسينات في حزب الاستقلال وشارك في المظارة الشعبية في 17 غشت  وكان يكلف بنقل المعلومات والنشرات السرية التي كان يضعها في مقود دراجته وفي كل تحركاته كان يمر دون تفتيش ، عدا احدى المرات حيث أوقفته الشرطة وظن ان امره قد انكشف لذلك سارع بالهرب وأطلقت عليه الدورية الرصاص لتمر رصاصة بمحاذاة أذنه وتخرج من الفم وسقطت 4 من أسنانه وألقي عليه القبض وأخذ الى المستشفى لكنه تمكن من الفرار منه والتحق بالناظور حيث انضم الى جيش التحرير وكان ضمن الفرقة العسكرية التي اسندت لها مهمة  مهاجمة ا لثكنة العسكرية بتافوغالت في اوائل شهر اكتوبر حيث استشهد خلالها في 4 أكتوبر 1955.

لقد عمل المقاومون في كافة انحاء المغرب بتنسيق فيما بينهم وكانت الأسلحة توصل لعدد من المناطق كالدار البيضاء ، وفاس والرباط عن طريق بني يزناسن وبواسطة مقاومي المنطقة وقد اشتهر من بينهم أحمد مختاري ، المعروف باحمد الطويل.

10- أحمد الطويل وتهريب السلاح

كان أحمد الطويل يقوم بايصال مجموعة أسلحة خاصة لمقاومي الدار البيضاء برفقة أحد الفرنسيين يدعى مارتنيز ومرت بعض الحملات بسلام لذلك وبإيعاز من مقاومي الدار البيضاء قرر تهريب كمية من السلاح في شاحنة من نوع Chevrolet  كان قد اشتراها البيضاويون وقيدوها في اسم محمد التميمي واحمد الطويل وتم شحنها من طرف التميمي ب 15 قنطار و 20 كيلو من مادة القرنيع تم شراؤها من حماد أو منصور من مداغ وانطلق أحمد الطويل وجورج مارتنز في يوم 7 مارس سنة 1955  وبحوزتهما كمية من السلاح وبعض العلب من الأقراص المسمومة التي وضعت وسط صناديق الخضر إلا أنهما وقعا في فخ نصبه الفرنسيون في الطريق بين بني درار ووجدة حوالي الساعة 12 ليلا.

ونشرت السلطات الفرنسية في جرائدها خبر مفاده أن أحمد الطويل ومرافقه مارتينز قد أوقفا بناحية عرباوة وقد لاذ أحمد الطويل بالفرار ، فكان ذلك تكتيكا من الفرنسيين قصد استدراج باقي مساعديه . وفي ليلة إلقاء القبض على الاثنين ، حوالي الساعة 3 صباحا كان منزل عائلة أحمد الطويل بدوار معبورة مطوقا بالقوات الفرنسية.

11- انتقام الفرنسيين من عائلة احمد الطويل :

داهمت القوات الفرنسية منزل العائلة حوالي الثالثة من صباح 8 مارس غير أنهم انتظروا حتى الصباح لتبدأ الاستنطاقات والبحث عن مخابىء السلاح ، وقام الظابط الفرنسي باستنطاق احليمة بن مبارك بشأن مكان السلاح وأماكن خزن الحبوب لكنها رفضت التصريح بأي شيء . وقد تمكنوا من استخراج بعض الأسلحة من السقف ، حين لاحظوا وجود شقوق به . كما تم اخراج قطائع من الغنم واثاث المنزل من فراش وغطاء ووسائد ولباس ، وقامو باشعال النار في عدد من خلايا النحل والتبن ، وفتح مطامر الشعير والقمح ، وعند أخذ جميع ما وجد بالمنزل عمدت القوة الفرنسية الى هدم المنزل واسقاطه

   أما أفراد العائلة و التي كانت تتكون من النساء و الأطفال فقط إذ كان الرجال معتقلين، فقد أخذت الى سجن أبركان حيث مكثت هناكحوالي 8 أيام و أطلق سراحها فعادت الى المنزل و ضرب عليها حصار إذ لم يكن يسمح لأحد بزيارتها حتى جاءت الأوامر من الناظور للالتحاق بالشمال.

لكن بعد أن تحدثت عن الأعمال التي قام بها المقاومون من الرجال، ألا يمكن أن نتسائل عن الدور الذي قامت به المرأة اليزناسنية في معركة الاستقلال.

 

10- المرأة اليزناسية في مواجهة المقاومة.

لقد وقفت المرأة دوما الى جانب الرجل و شاركته مسيرة الكفاح من أجل الحرية و الاستقالال فد آوت المقاومين، و ضمدت جروحهم، و حفظت أسلحتهم و كانت دوما مثالا للثقة و الأمان، فلم يسجل عليها من زلة إلا نادرا. و المرأة اليزناسية كمثيلاتها في كل أنحاء المغرب قد ساندت الرجل و حفظت أسراره. و كثيرات هن النساء اللواتي علمن بعمل أزواجهن في خلايا المقاومة لكنهن لزمن الصمت و لم يفضحن نشاطهم. و إن لم تشارك هذه المرأة في الساحة بحمل السلاح و أداء الواجب. فقد كان منزلها مأوى للمقاومين و مستشفى لتطبيبهم و خزانا لأسلحتهم و مؤنهم. و مطبخا لطبخ لقمتهم. و كل المقاومين الذين التقيت بهم أكدوا وقوف زوجاتهم و أمهاتهم و أخواتهم بجانبهم و قاسمنهم محنهم، و من أمثلة النساء اللواتي قمن بدور مهم في الميدان احليمة بن مبارك.

1- احليمة بن امبارك مثال المرأة اليزناسية المقاومة.

قاست هذه المرأة آلاما كبيرة بسبب وقوفها الى جانب عائلة زوجها التي عرفت بموقفها البطولية في خدمة الوطن و برزت منها خاصة عبد القادر مختاري سجين غار تافغالت الذي أذيق فيه مع طائفة من الوطنيين أشد العذاب و أحمد الطويل مهرب شحنة السلاح الى الدار البيضاء.

لقد عاشت هذه المرأة مع زوجها مراحل الكفاح الوطني و اطلعت على عدة أسرار و أدت يمين الحزب. و كانت تستقبل المقاومين في بيتها فهيأت طعامهم كما تسلمت المناشير و حفظتها بعيدا عن الأعين و لم تبح بالسر لقريباتها و جاراتها. و كانت توهمهم مرارا كلما سألنها عن سر التجمعات المتكررة في بيتها بأن ذلك لس سوى صدقة على الميتين. و لم تتحدث في شأن وطنيته لأحد عذا الذين تعرف أنهم على دربها.

و كانت لها طرقها الخاصة في حفظ السلاح. فقد خبأت 3 مسدسات و بعض المناشير كان أحمد الطزيل قد طلب منها حفظها في خم الدجاج حتى لا يشك فيه أحد و ستتخلص منه بعد خروجها من السجن رفقة بعض النسوة إذ نقلته الى الغابة المجاورة حين كن يذهبن بحجة الاحتطاب.

و ستزداد محنتها و التي شاركتها فيها نساء من عائلتها و هن ماما بين امحمد أو لحبيب، فاطمة، الوازنة، و سعيدة بعد اعتقال أحمد الطويل حيث حوصر منزلهم وسألها الضابط الفرنسي عن مخابئ السلاح و أماكن المرونة كانت تتدعي عدم معرفتها بالعربية أمام الضابط الذي كان يحاورها بها، و قد اقتيدت مع عائلتها و عددا من نساء الحاج عيسى في سيارة الشرطة الى السجن المركزي بأبركان و مكثن به 8 أيام. و كانت حياة السجن قاسية فرغم عدم لجوء الفرنسيين للتعذيب فقد كان تضييق الخناق عليهن كفيلا بقهرهن، فقد منعت زيارتهن و لم يسمح لهن الا بقليل من الزاد كان عبارة خبز طالت مدته حتى يبس. و بتن أول ليلة على الأرض حتى منحن قطعا من الحصير و سمح لهن بادخال بعض الأغطية و الأكل مؤخرا و ذلك "بالعرف"

و حين أطلق سراحهن بدأت حياة أقسى. و تحكى احليمة أن قرية اتزياست قد ضرب عليها حصار فعاشت النسوة الضيق و شظف العيش و لم يسمح لأحد بزيارتهن عسى أن يحمل لهن ما يسد رمقهن من الجوع.

قد عاشت العائلة الجوع مع الخوف من عودة الجنود الفرنسيين بين لحظة و أخرى. حتى صدرت الأوامر بالهجرة الى الشمال، حيث التحقت باحدى العائلات و مكثت هناك حوالي 4 أشهر 31 يناير 1956.

 

2- نساء في السجون:

لقد كان للنساء نصيب من السجن بسبب وطنيتهن أو لعدم رغبتهن في كشف أسرار أزواجهن و أقربائهن متى تعرضن للاستطان من طرف البوليس الفرنسي و كانت أولى النساء اللواتي قضين مدة في المعتقل، و لم تكن مجرد سجينة بل تم استغلالها للقيام بعدة أعمال، زوجة اعمارة بوزيان التي تعرضت للاعتقال مباشرة بعد هروب زوجها الى الشمال في شهر غشت 1953. و قضت هذه المرأة ما يناهز الستة أشهر في السجن عملت خلالها خادمة في مكاتب السلطات الفرنسية، و نظفت ملابس الجنود الى غيرها من الأعمال لصالح الادارة الفرنسية.

كما سيقت الى السجن في نفس الفترة نساء من العرايسة و نساء عائلة محند أوعمرو، و قضينه في سجن بركان. و كان أن عزمت الادارة الفرنسية تشغيلهن مما حذا بنزلاء السجن من الرجال الى الثورة على هذا القرار إذ خاضوا إضرابا لأجلهن مما جعل الادارة تتراجع عن هذا القرار. و من تازغين اعتقلت خديجة بنت قدور لاستنطاها بشأن مكان زوجها محمد بلخضر و بقيت محتجزة حوالي 5 أيام كما اعتقلت زوجة حماد الصديقي و مكثت في السجن يومين.

و سبقت الاشارة الى اعتقال عائلة المختاري من تزياست مباشرة بعد اعتقال احمد الطويل و قد قضت النساء 8 أيام و بعض نساء عائلة الحاج عيسى في السجن عوملن خلالها وعاملة سيئة  و هي الصافية ثقدات التازغينية، في وقت استخدمت عدة نساء للخدمة بمكاتب الفرنسيين فقمن بالتنظيف و التصبين حيث كان يتم اخراجهن في الصباح الباكر و لا يعدن حتى ينتهين من أعمالهن. و هذه فقط جملة من النساء اللواتي استطعت التعرف عليهن و لم أستطع محاورة سوى احليمة بن مبارك و الأخريات لم يقدر لي مقابلتهن.

و قد كان للعمليات التي وقعها رجال جيش التحرير أن عجلت برضوخ فرنسا لطاولة المفاوضات. و كل العمليات التي أرخت لوقائعها هي فقط جزء من العمل المسلح الذي شمل كل الوطن، تحت قيادة واحدة و لأجل هدف واحد هو تحقيق الاستقلال. و قد عرفت حركة المقاومة في بني يزناسن تصعيدا خطير. شمل المواقع التي عرفت تواجدا كبيرا للمستعمرين و أهدافهم بالبوادي و الحواضر. فسجل رجال المقاومة و الفداء عمليات مكثفة تمثلت في الاغتيالات و حاولات الاغتيال و الاحراق و التفجير و إتلاف المنشآت: فقد نشرت جريدة فرانس بريس في 9 دجنبر 1955 بأن القبائل المتواجدة في بين يزناسن تتعاطف مع الثوار، و هذا ما يحول دون قيام القواد و البشوات بواجبهم و أضاف التقرير بأن قوات مسلحة مؤلفة من 11000 شخص من بني يزناسن تستعد للاستلاء على أبركان و تافغالت و كانت قد قامت في ظرف لا يتعدى شهرين بـ 98 عملية. كما كان لكثافة الهجومات و الأعمال العسكرية أن زرع المجاهدين الرعب في قلوب القوات الاستعمارية نتجت عنها هجرة المعمرين من بني يزناسن و أبركان الى الخارج و الى المدن المغربية الأخرى.

و لكن و إن توقفت العمليات العسكرية ضد الفرنسيين في المنطقة و كذلك في المغرب ككل. فقد واصل أبناء المنطقة عملياتهم النضالية فقد هبوا لمساعدة إخوانهم الجزائريين الذين كانوا قد أعلنوا بدورهم ثورة مسلحة منذ فاتح نوينو 1954. و برزت هذه المساندة في تقديم الدعم المادي و المعنوي فمثلت المنطقة قاعدة لتجمع الفدائيين الجزائريين.

و إن كانت اللقاءات بين الجزائريين و المغاربة قد استمرت دوما فعلى المستوى الرسمي كان أول لقاء بين مسؤولي المقاومة و جيش التحرير المغربي و مسؤولي جبهة التحرير الجزارية في 10 غشت 1954 حيث تم اللقاء بتطوان مع أحمد زياد من طرف أحمد بن لمهدي و محمد بوضياف. و استمر مجموعة من القياديين في جبهة التحرير ينتقلون في الاقليم الشرقي في محاولة لتوفير الدعم الكافي لقضيتهم و من ضمنهم الهواري بومدين و طائفة أخرى الذين كثيرا ما عقدوا اجتماعاتهم في إحدى الدور بواواللوت قريبا من أبركان.

و كان جيش التحرير المغربي منذ تأسيسه -قد بنى استراتيجشة العسكريةو النضالية على وحدة المصير فالأساس النظري الذي استند إليه موقف جبهة التحرير الجزائرية، هو أن القضية الجزائرية مندمجة القضيتين التونسية و المغربية، و أن أي فصل بين القضايا الثلاثة هو فصل مفتعل لا يمكن أن يتم إلا على حساب الجميع. و عمل مقاوموا المناطق الحدودية -خاصة في ناحية أحفير- بتنسيق مع إخوانهم الجزائرين فكانت الاتصالات مع عدد من المسؤولين في الجبهة من ضمنهم قرشي محمد، شملال و محجوب و مع توافد جماعات من المهاجرين الجزائريين تجند أعضاء حزب الاستقلال في المنطة لتمويل هذه الجماعات بالمال و المؤونة و إيجاد مأوى لهم و من داخل التاب المغربي كان الجزائريون يقودون عملياتهم العسكرية ضد الفرنسيين في الجزائر، مما كان يؤدي بالقوات الفرنسية الى ملاحقتهم خارج الحدود.

و تشير مجموعة من الوثائق الى كميات من الأسلحة و الذخيرة الحربية سلمها مقاوموا و أعضاء جبهة التحرير الجزائرية، و هكذا فقد ظل تاريخ المقاومة في المغرب العربي تاريخا مشتركا و لعبت جهود المغاربة على الخصوص دورا كبيرا في تحرير الجزائر.

و هكذا لم يسلهم بنو يزناسن في تحرير الوطن فحسب بل لقد تخطوا الحدود و تمثل ذلك في تقديم الدعم المادي و المعنوي للجزائريين.

 

Retour